قرئ كتاب " الاستيعاب " على شيخنا عبد الوهاب بن سكنية المحدث وأنا حاضر، فلما انتهى القارئ إلى هذا الخبر قال أستاذي عمر بن عبد الله الدباس - وكنت أحضر معه سماع الحديث -: لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى والمفيد إلا بعض ما كان حجر والأشتر يعتقدانه في عثمان ومن تقدمه، فأشار الشيخ إليه بالسكوت، فسكت.
وذكرنا آثار الأشتر ومقاماته بصفين فيما سبق.
والأشتر هو الذي عانق عبد الله بن الزبير يوم الجمل فاصطرعا على ظهر فرسيهما حتى وقعا في الأرض، فجعل عبد الله يصرخ من تحته: اقتلوني ومالكا! فلم يعلم من الذي يعنيه لشدة الاختلاط وثوران النقع (1)، فلو قال: اقتلوني والأشتر لقتلا جميعا، فلما افترقا قال الأشتر:
أعائش لولا أنني كنت طاويا * ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا (2) غداة ينادي والرماح تنوشه * كوقع الصياصي: اقتلوني ومالكا (3) فنجاه مني شبعه وشبابه * وإني شيخ لم أكن متماسكا ويقال: إن عائشة فقدت عبد الله فسألت عنه، فقيل لها: عهدنا به وهو معانق للأشتر * فقالت: وا ثكل أسماء!
ومات الأشتر في سنة تسع وثلاثين متوجها إلى مصر واليا عليها لعلى عليه السلام.
قيل: سقي سما، وقيل: إنه لم يصح ذلك، وإنما مات حتف أنفه.
* * * فأما ثناء أمير المؤمنين عليه السلام عليه في هذا الفصل فقد بلغ مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل، ولعمري لقد كان الأشتر أهلا لذلك، كان شديد البأس، جوادا