وقال شبيب الخارجي: الليل يكفيك الجبان، ويصف الشجاع.
وكان إذا أمسى قال لأصحابه: أتاكم المدد، يعنى الليل.
قيل لبعض الملوك بيت عدوك. قال: أكره أن أجعل غلبتي سرقة.
ولما فصل قحطبة من خراسان وفي جملته خالد بن برمك، بينا هو على سطح بيت في قرية نزلاها وهم يتغدون نظر إلى الصحراء فرأى أقاطيع ظباء قد أقبلت من جهة الصحارى حتى كادت تخالط العسكر، فقال خالد لقحطبة: أيها الأمير، ناد في الناس:
يا خيل الله اركبي، فإن العدو قد قرب منك، وعامة أصحابك لن يسرجوا ويلجموا حتى يروا سرعان (1) الخيل. فقام قحطبة مذعورا فلم ير شيئا يروعه، ولم يعاين غبارا، فقال لخالد ما هذا الرأي؟ فقال: أيها الأمير! لا تتشاغل بي، وناد في الناس، أما ترى أقاطيع الوحوش قد أقبلت وفارقت مواضعها حتى خالطت الناس! وإن وراءها لجمعا كثيفا. قال: فوالله ما أسرجوا ولا ألجموا حتى رأوا النقع (2) وساطع الغبار، فسلموا، ولولا ذلك لكان الجيش قد اصطلم (3).