ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة إذا اجتمعت كلمتهم. كان يقال: ثلاثة من كن فيه لم يفلح في الحرب: البغي، قال الله تعالى: " إنما بغيكم على أنفسكم) (١)، والمكر السيئ، قال سبحانه: ﴿ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله﴾ (٢)، والنكث، قال تعالى: ﴿فمن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ (3).
* * * يقال: خرجت خارجة بخراسان على قتيبة بن مسلم، فأهمه ذلك، فقيل: ما يهمك منهم!
وجه إليهم وكيع بن أبي أسود يكفيك أمرهم، فقال: لا أوجهه، وإن وكيعا رجل فيه كبر، وعنده بغي، يحقر أعداءه، ومن كان هكذا قلت مبالاته بخصمه فلم يحترس، فوجد عدوه فيه غرة، فأوقع به.
وفي بعض كتب الفرس: إن بعض ملوكهم سأل: أي مكايد الحرب أحزم؟ فقال:
إذكاء العيون، واستطلاع الاخبار، وإظهار القوة والسرور والغلبة، وإماتة الفرق، والاحتراس من البطانة من غير إقصاء لمن ينصح، ولا انتصاح لمن يغش، وكتمان السر، وإعطاء المبلغين على الصدق، ومعاقبة المتوصلين بالكذب، وألا تخرج هاربا فتحوجه إلى القتال، ولا تضيق أمانا على مستأمن، ولا تدهشنك الغنيمة عن المجاوزة.
وفي بعض كتب الهند: ينبغي للعاقل أن يحذر عدوه المحارب له على كل حال، يرهب منه المواثبة إن قرب، والغارة إن بعد، والكمين إن انكشف، والاستطراد إن ولى، والمكر إن رآه وحيدا، وينبغي أن يؤخر القتال ما وجد بدا، فإن النفقة عليه من الأنفس، وعلى غيره من المال.