سحب الموت كيف هطلت عليك بصيبها (1) حتى اعتصمت بكتاب أنت وأبوك أول من كفر وكذب بنزوله. ولقد كنت تفرستها، وآذنتك أنك فاعلها، وقد مضى منها ما مضى، وانقضى من كيدك فيها ما انقضى، وأنا سائر نحوك على أثر هذا الكتاب، فاختر لنفسك، وانظر لها، وتداركها فإنك إن فطرت واستمررت على غيك وغلوائك (2) حتى ينهد إليك عباد الله، ارتجت عليك الأمور، ومنعت أمرا هو اليوم منك مقبول. يا بن حرب، إن لجاجك في منازعة الامر أهله من سفاه الرأي، فلا يطمعنك أهل الضلال، ولا يوبقنك سفه رأي الجهال، فوالذي نفس علي بيده لئن برقت في وجهك بارقة من ذي الفقار لتصعقن صعقة لا تفيق منها حتى ينفخ في الصور النفخة التي يئست منها (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) (3).
قلت: سألت النقيب أبا زيد عن معاوية: هل شهد بدرا مع المشركين؟ فقال:
نعم شهدها ثلاثة من أولاد أبي سفيان: حنظلة وعمرو ومعاوية، قتل أحدهم، وأسر الاخر، وأفلت معاوية هاربا على رجليه، فقدم مكة، وقد انتفخ قدماه، وورمت ساقاه، فعالج نفسه شهرين حتى برأ.
قال النقيب أبو زيد: ولا خلاف عند أحد أن عليا عليه السلام قتل حنظلة وأسر عمرا أخاه، ولقد شهد بدرا، وهرب على رجليه من هو أعظم منهما ومن أخيهما عمرو بن عبد ود فارس يوم الأحزاب، شهدها ونجا هاربا على قدميه، وهو شيخ كبير،