من خلفهم، وقد فسر ذلك بقوله: كيما يكون لكم ردءا، والردء: العون، قال الله تعالى: ﴿فأرسله معي ردءا يصدقني﴾ (1).
ودونكم مردا، أي حاجزا بينكم وبين العدو.
ثم أمرهم بأن يكون مقاتلتهم - بفتح التاء، وهي مصدر " قاتل " - من وجه واحد أو اثنين، أي لا تتفرقوا، ولا يكن قتالكم العدو في جهات متشعبة، فإن ذلك أدعى إلى الوهن، واجتماعكم أدعى إلى الظفر، ثم أمرهم أن يجعلوا رقباء في صياصي الجبال. وصياصي الجبال: أعاليها وما جرى مجرى الحصون منها، وأصل الصياصي القرون، ثم استعير ذلك للحصون لأنه يمتنع بها كما يمتنع ذو القرن بقرنه، ومناكب الهضاب: أعاليها، لئلا يأتيكم العدو إما من حيث تأمنون، أو من حيث تخافون.
قوله عليه السلام: " مقدمة القوم عيونهم "، المقدمة، بكسر الدال، وهم الذين يتقدمون الجيش، أصله مقدمة القوم، أي الفرقة المتقدمة. والطلائع: طائفة من الجيش تبعث ليعلم منها أحوال العدو. وقال عليه السلام: المقدمة عيون الجيش. والطلائع عيون المقدمة، فالطلائع إذا عيون الجيش.
ثم نهاهم عن التفرق، وأمرهم أن ينزلوا جميعا ويرحلوا جميعا، لئلا يفجأهم العدو بغتة على غير تعبية واجتماع، فيستأصلهم، ثم أمرهم أن يجعلوا الرماح كفة إذا غشيهم الليل، والكاف مكسورة، أي اجعلوها مستديرة حولكم كالدائرة، وكل ما استدار كفة بالكسر نحو كفة الميزان، وكل ما استطال كفة بالضم نحو: كفة الثوب وهي حاشيته، وكفة الرمل، وهو ما كان منه كالحبل.
ثم نهاهم عن النوم إلا غرارا أو مضمضة، وكلا اللفظتين ما قل من النوم.