القبيلة كاستواء قريش في النضر بن كنانة، ويختلفون كاختلاف كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، وكاختلاف ابن قصي وعبد مناف وعبد الدار وعبد العزى، والقوم قد يساوي بعضهم بعضا في وجوه، ويفارقونهم في وجوه، ويستجيزون بذلك القدر مناكحتهم، وإن كانت معاني الشرف لم تتكامل فيهم كما تكاملت فيمن زوجهم، وقد يزوج السيد ابن أخيه وهو حارض ابن حارض (1) على وجه صلة الرحم، فيكون ذلك جائزا عندهم، ولوجوه في هذا الباب كثيرة، فليس لكم أن تزعموا أنكم أكفاؤنا من كل وجه، وإن كنا قد زوجناكم وساويناكم في بعض الاباء والأجداد. وبعد فأنتم في الجاهلية والاسلام قد أخرجتم بناتكم إلى سائر قريش وإلى سائر العرب، أفتزعمون أنهم أكفاؤكم عينا بعين! وأما قولكم: إن الحيين كان يقال لهما عبد مناف فقد كان يقال لهما أيضا مع غيرهما من قريش وبنيها: بنو النضر. وقال الله تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " (2)، فلم يدع النبي صلى الله عليه وآله أحدا من بنى عبد شمس، وكانت عشيرته الأقربون بني هاشم وبني المطلب، وعشيرته فوق ذاك عبد مناف وفوق ذلك قصي، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس - وأم عامر بن كريز أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم - قال عليه السلام: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل في فيه فازدرده، فقال: أرجو أن تكون مشفيا، فكان كما قال.
ففي قوله: " هو أشبه بنا منه بكم " خصلتان: إحداهما أن عبد شمس وهاشما لو كانا شيئا واحدا كما أن عبد المطلب شئ واحد لما قال: " هو بنا أشبه به منكم "، والأخرى أن في هذا القول تفضيلا لبني هاشم على بنى عبد شمس، ألا ترون أنه خرج خطيبا جوادا نبيلا وسيدا مشفيا، له مصانع وآثار كريمة، لأنه قال: " وهو بنا أشبه به منكم ". وأتي عبد المطلب