بعامر بن كريز وهو ابن ابنته أم حكيم البيضاء فتأمله، وقال: وعظام هاشم ما ولدنا ولدا أحرض منه، فكان كما قال عبد الله يحمق، ولم يقل: " وعظام عبد مناف " لان شرف جده عبد مناف له فيه شركاء، وشرف هاشم أبيه خالص له.
فأما ما ذكرتم من قول أبي سفيان وخالد بن سعيد: أرضيتم معشر بنى عبد مناف أن تلي عليكم تيم! فإن هذه الكلمة كلمة تحريض وتهييج، فكان الأبلغ فيما يريد من اجتماع قلوب الفريقين أن يدعوهم لأب، وأن يجمعهم على واحد، وإن كانا مفترقين، وهذا المذهب سديد، وهذا التدبير صحيح.
قال معاوية بن صعصعة للأشهب بن رميلة، وهو نهشلي وللفرزدق بن غالب، وهو مجاشعي ولمسكن بن أنيف وهو عبدلي: أرضيتم معشر بنى دارم أن يسب آباءكم ويشتم أعراضكم كلب بنى كليب! وإنما نسبهم إلى دارم الأب الأكبر المشتمل على آباء قبائلهم ليستووا في الحمية ويتفقوا على الانف، وهذا في مثل هذا الموضع تدبير صحيح.
قالوا: ويدل على ما قلنا ما قاله الشعراء في هذا الباب قبل مقتل عثمان وقبل صفين، قال حسان بن ثابت لأبي سفيان الحارث بن عبد المطلب:
وأنت منوط نيط (1) في آل هاشم * كما نيط خلف الراكب القدح الفرد لم يقل: " نيط في آل عبد مناف ".
وقال آخر:
ما أنت من هاشم في بيت مكرمة * ولا بني جمح الخضر الجلاعيد (2)