أرواقها، وجاء الناس يضجون الغرق الغرق يا رسول الله فقال اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن المدينة حتى استدار حولها كالإكليل فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله در أبى طالب لو كان حيا لقرت عينه. من ينشدنا قوله فقام على فقال يا رسول الله، لعلك أردت:
* وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * قال: أجل، فأنشده أبياتا من هذه القصيدة، ورسول الله يستغفر لأبي طالب على المنبر، ثم قام رجل من كنانة فأنشده:
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوه * إليه، وأشخص منه البصر فما كان إلا كما ساعة * أو أقصر حتى رأينا الدرر دفاق العزالى وجم البعاق (1) * أغاث به الله عليا مضر فكان كما قاله عمه * أبو طالب ذو رواء غرر به يسر الله صوب الغمام * فهذا العيان وذاك الخبر فمن يشكر الله يلق المزيد * ومن يكفر الله يلق الغير فقال رسول الله إن يكن شاعر أحسن فقد أحسنت.
قالوا وإنما لم يظهر أبو طالب الاسلام ويجاهر به، لأنه لو أظهره لم يتهيأ له من نصرة النبي صلى الله عليه وآله ما تهيا له، وكان كواحد من المسلمين الذين اتبعوه، نحو أبى بكر وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهما ممن أسلم، ولم يتمكن من نصرته والقيام دونه