شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٨٣
فاما الصلاة وكونه لم ينقل عنه انه صلى، فيجوز أن يكون لان الصلاة لم تكن بعد قد فرضت، وإنما كانت نفلا غير واجب، فمن شاء صلى، ومن شاء ترك، ولم تفرض الا بالمدينة. ويمكن أن يقول أصحاب الحديث: إذا تعارض الجرح و التعديل كما قد أشرتم إليه، فالترجيح عند أصحاب أصول الفقه لجانب الجرح، لان الجارح قد أطلع على زيادة لم يطلع عليها المعدل.
و لخصومهم أن يجيبوا عن هذا فنقول أن هذا إنما يقال ويذكر في أصول الفقه في طعن مفصل في مقابله تعديل مجمل، مثاله أن يروى شعبة مثلا حديثا عن رجل، فهو بروايته عنه قد وثقه، ويكفي في توثيقه له أن يكون مستور الحال، ظاهره العدالة، فيطعن فيه الدارقطني مثلا بأن يقول كان مدلسا، أو كان يرتكب الذنب الفلاني، فيكون قد طعن طعنا مفصلا في مقابله تعديل مجمل، وفيما نحن فيه وبصدده الروايتان متعارضتان تفصيلا لا إجمالا، لان هؤلاء يروون أنه تلفظ بكلمتي الشهادة عند الموت، وهؤلاء يروون إنه قال عند الموت: أنا على دين الأشياخ.
وبمثل هذا يجاب على من يقول من الشيعة: روايتنا في إسلامه أرجح، لأنا نروي حكما إيجابيا ونشهد على اثبات، وخصومنا يشهدون على النفي، ولا شهادة على النفي، وذلك أن الشهادة في الجانبين معا، إنما هي على أثبات، ولكنه اثبات متضاد.
وصنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتابا في إسلام أبى طالب، وبعثه إلى وسألني أن اكتب عليه (1) بخطى نظما أو نثرا، أشهد فيه بصحة ذلك، وبوثاقة الأدلة عليه، فتحرجت أن أحكم بذلك حكما قاطعا، لما عندي من التوقف فيه، ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبى طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للاسلام دعامة. واعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة، فكتبت على ظاهر المجلد:

(1) ساقطة من ب.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213