فاما الصلاة وكونه لم ينقل عنه انه صلى، فيجوز أن يكون لان الصلاة لم تكن بعد قد فرضت، وإنما كانت نفلا غير واجب، فمن شاء صلى، ومن شاء ترك، ولم تفرض الا بالمدينة. ويمكن أن يقول أصحاب الحديث: إذا تعارض الجرح و التعديل كما قد أشرتم إليه، فالترجيح عند أصحاب أصول الفقه لجانب الجرح، لان الجارح قد أطلع على زيادة لم يطلع عليها المعدل.
و لخصومهم أن يجيبوا عن هذا فنقول أن هذا إنما يقال ويذكر في أصول الفقه في طعن مفصل في مقابله تعديل مجمل، مثاله أن يروى شعبة مثلا حديثا عن رجل، فهو بروايته عنه قد وثقه، ويكفي في توثيقه له أن يكون مستور الحال، ظاهره العدالة، فيطعن فيه الدارقطني مثلا بأن يقول كان مدلسا، أو كان يرتكب الذنب الفلاني، فيكون قد طعن طعنا مفصلا في مقابله تعديل مجمل، وفيما نحن فيه وبصدده الروايتان متعارضتان تفصيلا لا إجمالا، لان هؤلاء يروون أنه تلفظ بكلمتي الشهادة عند الموت، وهؤلاء يروون إنه قال عند الموت: أنا على دين الأشياخ.
وبمثل هذا يجاب على من يقول من الشيعة: روايتنا في إسلامه أرجح، لأنا نروي حكما إيجابيا ونشهد على اثبات، وخصومنا يشهدون على النفي، ولا شهادة على النفي، وذلك أن الشهادة في الجانبين معا، إنما هي على أثبات، ولكنه اثبات متضاد.
وصنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتابا في إسلام أبى طالب، وبعثه إلى وسألني أن اكتب عليه (1) بخطى نظما أو نثرا، أشهد فيه بصحة ذلك، وبوثاقة الأدلة عليه، فتحرجت أن أحكم بذلك حكما قاطعا، لما عندي من التوقف فيه، ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبى طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للاسلام دعامة. واعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة، فكتبت على ظاهر المجلد: