وزاحم جميع الناس عنه وكن له * وزيرا على الأعداء غير مجاف وإن غضبت منه قريش فقل لها * بنى عمنا ما قومكم بضعاف وما بالكم تغشون منه ظلامة * وما بال أحقاد هناك خوافي فما قومنا بالقوم يخشون ظلمنا * وما نحن فيما ساءهم بخفاف ولكننا أهل الحفائظ والنهى * وعز ببطحاء المشاعر واف قال محمد بن إسحاق: فلما طال البلاء على المسلمين والفتنة والعذاب، وارتد كثير عن الدين باللسان لا بالقلب، كانوا إذا عذبوهم يقولون نشهد أن هذا الله وإن اللات والعزى هي الآلهة، فإذا خلوا عنهم عادوا إلى الاسلام، فحبسوهم وأوثقوهم بالقد وجعلوهم في حر الشمس على الصخر والصفا، وامتدت أيام الشقاء عليهم ولم يصلوا إلى محمد صلى الله عليه وآله لقيام أبى طالب دونه، فأجمعت قريش على أن يكتبوا بينهم وبين بني هاشم صحيفة يتعاقدون فيها ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، فكتبوها وعلقوها في جوف الكعبة تأكيدا على أنفسهم، وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي. فلما فعلوا ذلك انحازت هاشم والمطلب، فدخلوا كلهم مع أبي طالب في الشعب. فاجتمعوا إليه، وخرج منهم أبو لهب إلى قريش فظاهرها على قومه..
قال محمد بن إسحاق: فضاق الامر ببني هاشم وعدموا القوت، إلا ما كان يحمل إليهم سرا وخفية، وهو شئ قليل لا يمسك أرماقهم، وأخافتهم قريش، فلم يكن يظهر منهم أحد، ولا يدخل إليهم أحد، وذلك أشد ما لقى رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته بمكة.
قال محمد بن إسحاق: فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا ألا يصل إليهم