قال ابن إسحاق: وقال أبو طالب يذكر ما أجمعت عليه قريش من حربه لما قام بنصر محمد صلى الله عليه وآله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا (1) فانفذ لأمرك ما عليك مخافة * وأبشر وقر بذاك منه عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا وعرضت دينا قد علمت بأنه * من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا.
قال محمد بن إسحاق: ثم إن قريشا حين عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وآله وإسلامه إليهم ورأوا إجماعه على مفارقتهم وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي - وكان أجمل فتى في قريش - فقالوا له يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد، أبهى (2) فتى في قريش وأجمله، فخذه إليك (3) فاتخذه ولدا فهو لك، وأسلم لنا هذا ابن أخيك الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك لنقتله، فإنما هو رجل برجل. فقال أبو طالب والله ما أنصفتموني (4) تعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم بنى تقتلونه هذا والله ما لا يكون أبدا، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل - وكان له صديقا مصافيا - والله يا أبا طالب ما أراك تريد إن تقبل من قومك شيئا لعمري قد جهدوا في التخلص مما تكره وأراك لا تنصفهم فقال أبو طالب والله ما أنصفوني ولا أنصفتني، ولكنك قد أجمعت على خذلاني ومظاهرة (5) القوم على فاصنع ما بدا لك (6)!