وتلقوا بيع الأبطحين محمدا * على ربوة في رأس عنقاء عيطل وتأوي إليه هاشم، إن هاشما * عرانين كعب آخر بعد أول فان كنتم ترجون قتل محمد * فروموا بما جمعتم نقل يذبل فانا سنحميه بكل طمرة * وذي ميعة نهد المراكل هيكل وكل رديني ظماء كعوبه * وعضب كإيماض الغمامة مفصل * * * قلت كان صديقنا علي بن يحيى البطريق رحمه الله، يقول لولا خاصة النبوة وسرها لما كان مثل أبى طالب - وهو شيخ قريش ورئيسها وذو شرفها - يمدح ابن أخيه محمدا، وهو شاب قد ربى في حجره وهو يتيمه ومكفوله، وجار مجرى أولاده بمثل قوله:
وتلقوا ربيع الأبطحين محمدا * على ربوة في رأس عنقاء عيطل وتأوي إليه هاشم، إن هاشما * عرانين كعب آخر بعد أول.
ومثل قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمه للأرامل يطيف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل.
فإن هذا الأسلوب من الشعر لا يمدح به التابع والذنابي من الناس، وإنما هو من مديح الملوك والعظماء، فإذا تصورت إنه شعر أبى طالب، ذاك الشيخ المبجل العظيم في محمد صلى الله عليه وآله، وهو شاب مستجير به، معتصم بظله من قريش، قد رباه في حجره غلاما، وعلى عاتقه طفلا، وبين يديه شابا، يأكل من زاده، ويأوى إلى داره، علمت موضع خاصية النبوة وسرها، وإن أمره كان عظيما، وإن الله تعالى أوقع في القلوب والأنفس له منزلة رفيعة ومكانا جليلا.