شئ إلا القليل سرا ممن يريد صلتهم من قريش، وقد كان أبو جهل بن هشام لقى حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد - وهي عند رسول الله محاصرة في الشعب - فتعلق به، وقال: أتحمل الطعام إلى بني هاشم والله لا تبرح أنت و طعامك حتى أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري العاص ابن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، فقال ما لك وله قال: إنه يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال أبو البختري يا هذا، إن طعاما كان لعمته عنده بعثت إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها خل سبيل الرجل، فأبى أبو جهل حتى نال كل منهما من صاحبه، فاخذ له أبو البختري لحى بعير فضربه به فشجه ووطئه وطأ شديدا، فانصرف وهو يكره أن يعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وبنو هاشم بذلك، فيشمتوا، فلما أراد الله تعالى من إبطال الصحيفة، والفرج عن بني هاشم من الضيق والأزل الذي كانوا فيه، قام هشام بن عمرو بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي في ذلك أحسن قيام، وذلك أن أباه عمرو بن الحارث كان أخا لنضلة بن هاشم بن عبد مناف بن قصي من أمه، فكان هشام بن عمرو يحسب لذلك واصلا ببني هاشم، وكان ذا شرف في قومه بنى عامر بن لؤي، فكان يأتي بالبعير ليلا وقد أوقره طعاما، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب، حتى إذا أقبل به فم الشعب فمنع بخطامه من رأسه، ثم يضربه على جنبه، فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به مرة أخرى، وقد أوقره تمرا، فيصنع به مثل ذلك.
ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي، فقال يا زهير، أرضيت أن تأكل الطعام وتشرب الشراب وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت لا يبتاعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم، ولا يواصلون ولا يزارون أما إني أحلف لو كان أخوك أبو الحكم بن هشام ودعوته إلى مثل ما دعاك