شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٥٠
قوله (وأحجم الناس)، أي كفوا عن الحرب وجبنوا عن الاقدام، يقال حجمت فلانا عن كذا أحجمه بالضم، فأحجم هو، وهذه اللفظة من النوادر، كقولهم (كببته فأكب).
ويوم مؤتة بالهمز، ومؤتة أرض معروفة.
وقوله (وأراد من لو شئت لذكرت اسمه)، يعنى به نفسه.
قوله (إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي) إشارة إلى معاوية في الظاهر، وإلى من تقدم عليه من الخلفاء في الباطن، والدليل عليه قوله (التي لا يدلى أحد بمثلها)، فأطلق القول اطلاقا عاما مستغرقا لكل الناس أجمعين.
ثم قال: (إلا أن يدعى مدع ما لا أعرفه، ولا أظن الله يعرفه)، أي كل من أدعى خلاف ما ذكرته فهو كاذب، لأنه لو كان صادقا لكان علي عليه السلام يعرفه لا محالة، فإذا قال عن نفسه: إن كل دعوة تخالف ما ذكرت فإني لا أعرف صحتها، فمعناه أنها باطلة.
وقوله (ولا أظن الله يعرفه)، فالظن هاهنا بمعنى العلم، كقوله تعالى: ﴿ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها﴾ (١)، واخرج هذه الكلمة مخرج قوله تعالى ﴿قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض﴾ (٢)، وليس المراد سلب العلم بل العلم بالسلب، كذلك ليس مراده عليه السلام سلب الظن الذي هو بمعنى العلم، بل ظن السلب، أي علم السلب، أي واعلم أن الله سبحانه يعرف انتفاءه، وكل ما يعلم الله انتفاءه فليس بثابت.
وقال الراوندي: قوله عليه السلام: (ولا أظن الله يعرفه)، مثل قوله تعالى:
﴿ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين﴾ (3).

(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213