قوله (وأحجم الناس)، أي كفوا عن الحرب وجبنوا عن الاقدام، يقال حجمت فلانا عن كذا أحجمه بالضم، فأحجم هو، وهذه اللفظة من النوادر، كقولهم (كببته فأكب).
ويوم مؤتة بالهمز، ومؤتة أرض معروفة.
وقوله (وأراد من لو شئت لذكرت اسمه)، يعنى به نفسه.
قوله (إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي) إشارة إلى معاوية في الظاهر، وإلى من تقدم عليه من الخلفاء في الباطن، والدليل عليه قوله (التي لا يدلى أحد بمثلها)، فأطلق القول اطلاقا عاما مستغرقا لكل الناس أجمعين.
ثم قال: (إلا أن يدعى مدع ما لا أعرفه، ولا أظن الله يعرفه)، أي كل من أدعى خلاف ما ذكرته فهو كاذب، لأنه لو كان صادقا لكان علي عليه السلام يعرفه لا محالة، فإذا قال عن نفسه: إن كل دعوة تخالف ما ذكرت فإني لا أعرف صحتها، فمعناه أنها باطلة.
وقوله (ولا أظن الله يعرفه)، فالظن هاهنا بمعنى العلم، كقوله تعالى: ﴿ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها﴾ (١)، واخرج هذه الكلمة مخرج قوله تعالى ﴿قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض﴾ (٢)، وليس المراد سلب العلم بل العلم بالسلب، كذلك ليس مراده عليه السلام سلب الظن الذي هو بمعنى العلم، بل ظن السلب، أي علم السلب، أي واعلم أن الله سبحانه يعرف انتفاءه، وكل ما يعلم الله انتفاءه فليس بثابت.
وقال الراوندي: قوله عليه السلام: (ولا أظن الله يعرفه)، مثل قوله تعالى:
﴿ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين﴾ (3).