لقد رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا نفير ما يتمون عشرة، وأنا وأبنائي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون عنه منهزمين، فرآني ولا ترس معي، ورأي رجلا موليا معه ترس، فقال يا صاحب الترس، ألق ترسك إلى من يقاتل. فألقى ترسه فأخذته، فجعلت أترس به على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رجاله مثلنا أصبناهم، فيقبل رجل على فرس، فضربني وترست له، فلم يصنع سيفه شيئا، وولى وأضرب عرقوب فرسه، فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا بن عمارة، أمك أمك قالت فعاونني عليه حتى أوردته شعوب (1).
قال الواقدي: وحدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد المازني، قال: جرحت جرحا في عضدي اليسرى، ضربني رجل كأنه الرقل ولم يعرج على، ومضى عنى، وجعل الدم لا يرقأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعصب جرحك، فتقبل أمي إلى، ومعها عصائب في حقويها قد أعدتها للجراح، فربطت جرحى والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ينظر، ثم قالت إنهض يا بنى، فضارب القوم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة قالت: وأقبل الرجل الذي ضربني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا ضارب ابنك، فاعترضت أمي له، فضربت ساقه، فبرك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم تبسم حتى بدت نواجذه، ثم قال: استقدت يا أم عمارة. ثم أقبلنا نعلوه (2) بالسلاح حتى أتينا على نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي ظفرك وأقر عينك من عدوك، وأراك ثأرك بعينك.