شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٦٧
لقد رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا نفير ما يتمون عشرة، وأنا وأبنائي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون عنه منهزمين، فرآني ولا ترس معي، ورأي رجلا موليا معه ترس، فقال يا صاحب الترس، ألق ترسك إلى من يقاتل. فألقى ترسه فأخذته، فجعلت أترس به على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رجاله مثلنا أصبناهم، فيقبل رجل على فرس، فضربني وترست له، فلم يصنع سيفه شيئا، وولى وأضرب عرقوب فرسه، فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا بن عمارة، أمك أمك قالت فعاونني عليه حتى أوردته شعوب (1).
قال الواقدي: وحدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد المازني، قال: جرحت جرحا في عضدي اليسرى، ضربني رجل كأنه الرقل ولم يعرج على، ومضى عنى، وجعل الدم لا يرقأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعصب جرحك، فتقبل أمي إلى، ومعها عصائب في حقويها قد أعدتها للجراح، فربطت جرحى والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ينظر، ثم قالت إنهض يا بنى، فضارب القوم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة قالت: وأقبل الرجل الذي ضربني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا ضارب ابنك، فاعترضت أمي له، فضربت ساقه، فبرك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم تبسم حتى بدت نواجذه، ثم قال: استقدت يا أم عمارة. ثم أقبلنا نعلوه (2) بالسلاح حتى أتينا على نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي ظفرك وأقر عينك من عدوك، وأراك ثأرك بعينك.

(1) شعوب: اسم المنية.
(2) ب: (نعله)، والصواب ما أثبته من ا والواقدي.
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213