شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١١٦
قريش فقالوا خلف هذا الكثيب الذي ترى، قال: كم هم قالوا كثير، قال: كم عددهم قالوا: لا ندري، قال: كم ينحرون قالوا يوما عشرة ويوما تسعة، فقال القوم:
ما بين الألف والتسعمائة، ثم قال للسقاء: كم خرج من أهل مكة قالوا لم يبق أحد به طعم إلا خرج، فاقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الناس، فقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها، ثم سألهم رسول الله صلى الله عليه وآله هل رجع منهم أحد قالوا نعم رجع ابن أبي شريق ببني زهرة، فقال صلى الله عليه وآله راشدهم (1)، وما كان برشيد، وإن كان ما علمت لمعاديا لله ولكتابه. ثم قال: فأحد غيرهم قالوا نعم بنو عدى بن كعب، فتركهم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال لأصحابه: أشيروا على في المنزل، فقال الحباب بن المنذر:
يا رسول الله، أرأيت منزلك هذا، أهو منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، قال:
فإن هذا ليس بمنزل انطلق بنا إلى أدنى مياه القوم، فإني عالم بها وبقلبها، فإن بها قليبا قد عرفت عذوبة مائها، وماؤها كثير لا ينزح، نبني عليها حوضا، ونقذف فيها بالآنية فنشرب، ونقاتل ونعور (2) ما سواها من القلب.
قال الواقدي: فكان ابن عباس يقول: نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وآله فقال:
الرأي ما أشار به الحباب فقال: يا حباب، أشرت بالرأي، ونهض وفعل كذلك (3).
قال الواقدي: وبعث الله السماء، وكان الوادي دهسا - أي كثير الرمل - فأصاب المسلمين ما لبد الأرض ولم يمنعهم من المسير، وأصاب قريشا ما لم يقدروا معه أن يرتحلوا منه، وإنما بين الطائفتين قوز من رمل.
قال الواقدي: وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس ألقى عليهم، فناموا ولم يصبهم من المطر ما يؤذيهم.

(1) الواقدي: (أرشدهم).
(2) يقال: عور البئر، إذا كبسها بالتراب.
(3) الواقدي 48.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213