شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٤٨
الصغير والكبير، والعالم والجاهل، ممن بلغه ذكر علي عليه السلام، وعلم مبعث النبي صلى الله عليه وآله أن عليا عليه السلام لم يولد في دار الاسلام، ولا غذي في حجر الايمان، وإنما استضافه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى نفسه سنة القحط والمجاعة، وعمره يومئذ ثماني سنين، فمكث معه سبع سنين حتى اتاه جبرئيل بالرسالة، فدعاه وهو بالغ كامل العقل إلى الاسلام، فأسلم بعد مشاهدة المعجزة، وبعد اعمال النظر والفكرة، وإن كان قد ورد في كلامه انه صلى سبع سنين قبل الناس كلهم، فإنما يعنى ما بين الثمان والخمس عشرة، ولم يكن حينئذ دعوة ولا رسالة، ولا ادعاء نبوة، وإنما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعبد على ملة إبراهيم ودين الحنيفية، ويتحنث ويجانب الناس، ويعتزل ويطلب الخلوة، وينقطع في جبل حراء، وكان علي عليه السلام معه كالتابع والتلميذ، فلما بلغ الحلم، وجاءت النبي صلى الله عليه وآله الملائكة، وبشرته بالرسالة، دعاه فأجابه عن نظر ومعرفة بالأعلام المعجزة، فكيف يقول الجاحظ إن اسلامه لم يكن مقتضبا.
وإن كان اسلامه ينقص عن اسلام غيره في الفضيلة لما كان يمرن عليه من التعبد مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الدعوة، لتكونن طاعة كثير من المكلفين أفضل من طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمثاله من المعصومين، لان العصمة عند أهل العدل لطف يمنع من اختص به من ارتكاب القبيح، فمن اختص بذلك اللطف كانت الطاعة عليه أسهل، فوجب أن يكون ثوابه أنقص من ثواب من أطاع مع تلك الألطاف.
وكيف يقول الجاحظ إن اسلامه ناقص عن اسلام غيره، وقد جاء في الخبر انه أسلم يوم الثلاثاء، واستنبئ النبي صلى الله عليه وآله يوم الاثنين، فمن هذه حالة لم تكثر حجج الرسالة على سمعه، ولا تواترت اعلام النبوة على مشاهدته، ولا تطاول الوقت عليه لتخف محنته، ويسقط ثقل تكليفه، بل بان فضله، وظهر حسن اختياره لنفسه، إذ أسلم في حال بلوغه، وعانى نوازع طبعه، ولم يؤخر ذلك بعد سماعه.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317