إليه، وذلك لان صاحب التربية يبلغ حيث يبلغ وقد أسقط الفه عنه مؤنة الروية والخاطر، وكفاه علاج القلب واضطراب النفس، وزيد وخباب وأبو بكر يعانون من كلفة النظر ومؤنة التأمل ومشقة الانتقال من الدين الذي قد طال الفهم له ما هو غير خاف.
ولو كان على حيث أسلم بالغا مقتضبا كغيره ممن عددنا، كان اسلامهم أفضل من اسلامه، لان من أسلم وهو يعلم أن له ظهرا كأبي طالب، وردءا كبني هاشم، وموضعا في بنى عبد المطلب، ليس كالحليف والمولى، والتابع والعسيف (1)، وكالرجل من عرض قريش (2). أو لست تعلم أن قريشا خاصة وأهل مكة عامة لم يقدروا على أذى النبي صلى الله عليه وآله، ما كان أبو طالب حيا وأيضا فان أولئك اجتمع عليهم مع فراق الألف مشقة الخواطر، وعلي عليه السلام كان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله، يشاهد الاعلام في كل وقت، ويحضر منزل الوحي، فالبراهين له أشد انكشافا، والخواطر على قلبه أقل اعتلاجا، وعلى قدر الكلفة والمشقة يعظم الفضل ويكثر الاجر (3).
قال أبو جعفر رحمه الله ينبغي أن ينظر أهل الانصاف هذا الفصل، ويقفوا على قول الجاحظ والأصم في نصرة العثمانية واجتهادهم في القصد إلى فضائل هذا الرجل، وتهجينها، فمرة يبطلان معناها، ومرة يتوصلان إلى حط قدرها، فلينظر في كل باب اعترضا فيه، أين بلغت حيلتهما، وما صنعا في احتيالهما في قصصهما وسجعهما أليس إذا تأملتها علمت أنها ألفاظ ملفقة بلا معنى، وانها عليها شجى وبلاء والا فما عسى أن تبلغ حيلة الحاسد ويغني كيد الكائد الشانئ (4) لمن قد جل قدره عن النقص، وأضاءت فضائله إضاءة الشمس وأين قول الجاحظ، من دلائل السماء، وبراهين الأنبياء، وقد علم