معه سرا، ويتكلف له الحاجة جهرا، ويخدمه كالعبد يخدم مولاه، ويشفق عليه ويحوطه، وكالولد يبر والده، ويعطف عليه ولما سئلت عائشة من كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، قالت اما من الرجال فعلى، واما من النساء ففاطمة.
قال الجاحظ وكان أبو بكر من المفتونين المعذبين بمكة قبل الهجرة، فضربه نوفل ابن خويلد المعروف بابن العدوية مرتين، حتى أدماه وشده مع طلحة بن عبيد الله في قرن، وجعلهما في الهاجرة عمير بن عثمان بن مرة بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، ولذلك كانا يدعيان القرينين، ولو لم يكن له غير ذلك لكان لحاقه عسيرا، وبلوغ منزلته شديدا، ولو كان يوما واحدا لكان عظيما، وعلي بن أبي طالب رافه وادع، ليس بمطلوب ولا طالب، وليس انه لم يكن في طبعه الشهامة والنجدة، وفى غريزته البسالة في الشجاعة، لكنه لم يكن قد تمت أداته، ولا استكملت آلته، ورجال الطلب وأصحاب الثار يغمصون ذا الحداثة ويزدرون بذي الصبا والغرارة، إلى أن يلحق بالرجال، ويخرج من طبع الأطفال (1).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله اما القول فممكن والدعوى سهلة، سيما على مثل الجاحظ، فإنه ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب، وهو من دعوى الباطل غير بعيد، فمعناه نزر، وقوله لغو، ومطلبه سجع، وكلامه لعب ولهو، يقول الشئ وخلافه، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ ولا لدعواه حد قائم، والا فكيف تجاسر على القول بان عليا حينئذ لم يكن مطلوبا ولا طالبا، وقد بينا بالأخبار الصحيحة، والحديث المرفوع المسند انه كان يوم أسلم بالغا كاملا منابذا بلسانه وقلبه لمشركي قريش،