(237) الأصل:
ومن خطبة له عليه السلام:
الحمد لله الفاشي في الخلق حمده، والغالب جنده، والمتعالي جده; أحمده على نعمة التؤام، وآلائه العظام، الذي عظم حلمه فعفا، وعدل في كل ما قضى، وعلم بما يمضى وما مضى، مبتدع الخلائق بعلمه، ومنشئهم بحكمه، بلا اقتداء ولا تعليم; ولا احتذاء لمثال صانع حكيم، ولا إصابة خطا، ولا حضرة ملا.
واشهد أن محمدا عبده ورسوله، ابتعثه والناس يضربون في غمرة، ويموجون في حيرة، قد قادتهم أزمة الحين، واستغلقت على أفئدتهم أقفال الرين.
عباد الله أوصيكم بتقوى الله فإنها حق الله عليكم; والموجبة على الله حقكم، وان تستعينوا عليها بالله، وتستعينوا بها على الله; فان التقوى في اليوم الحرز والجنة، وفى غد الطريق إلى الجنة; مسلكها واضح، وسالكها رابح، ومستودعها حافظ. لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين منكم، والغابرين لحاجتهم إليها غدا، إذا أعاد الله ما أبدى، واخذ ما أعطى، وسأل عما أسدي فما أقل من قبلها، وحملها حق حملها! أولئك الأقلون عددا، وهم أهل صفة الله سبحانه إذ يقول (وقليل من عبادي الشكور) (1).
فاهطعوا بأسماعكم إليها، وألظوا بجدكم عليها، واعتاضوها من كل سلف خلفا، ومن كل مخالف موافقا.