(234) الأصل:
ومن خطبة عليه السلام:
أوصيكم أيها الناس بتقوى الله وكثرة حمده على آلائه إليكم، ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم، فكم خصكم بنعمة، وتدارككم برحمة!
أعورتم له فستركم، وتعرضتم لاخذه فأمهلكم!
وأوصيكم بذكر الموت وإقلال الغفلة عنه، وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم، وطمعكم فيمن ليس يمهلكم; فكفى واعظا بموتى عاينتموهم; حملوا إلى قبورهم غير راكبين، وانزلوا فيها غير نازلين، كأنهم لم يكونوا للدنيا عمارا، وكان الآخرة لم تزل لهم دارا. أوحشوا ما كانوا يوطنون، وأوطنوا ما كانوا يوحشون، واشتغلوا بما فارقوا، وأضاعوا ما إليه انتقلوا، لا عن قبيح يستطيعون انتقالا، ولا في حسن يستطيعون ازديادا، أنسوا بالدنيا فغرتهم، ووثقوا بها فصرعتهم.
فسابقوا رحمكم الله إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها، والتي رغبتم فيها ودعيتم إليها واستتموا نعم الله عليكم بالصبر على طاعته، والمجانبة لمعصيته، فان غدا من اليوم قريب.
ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين في العمر!