[ذكر غرائب الجراد وما احتوت عليه من صنوف الصنعة] قال شيخنا أبو عثمان في كتاب " الحيوان " من عجائب الجرادة التماسها لبيضها الموضع الصلد، والصخور الملس، ثقة منها انها إذا ضربت بأذنابها فيها، انفرجت لها، ومعلوم أن ذنب الجرادة ليس في خلقة المنشار (1) ولا طرف ذنبه كحد السنان، ولها من قوة الأسر، ولا لذنبها من الصلابة ما إذا اعتمدت به على الكدية (2) خرج (3) ، فيها كيف وهي تتعدى إلى ما هو أصلب من ذلك، وليس في طرفها كإبرة العقرب.
وعلى أن العقرب ليس تخرق القمقم، (4) من جهد الأيد وقوة البدن، بل إنما ينفرج لها بطبع مجعول هناك، وكذاك انفراج الصخور لأذناب الجراد.
ولو أن عقابا أرادت أن تخرق جلد الجاموس لما انخرق لها الا بالتكلف الشديد، والعقاب هي التي تنكدر (5) على الذئب [الأطلس] (6); فتقد بدابرتها ما بين صلاه إلى موضع الكاهل (7).
فإذا غرزت (8) الجرادة، وألقت بيضها، وانضمت عليها تلك الأخاديد التي هي أحدثها، وصارت كالأفاحيص لها صارت حاضنة لها ومربية، وحافظة وصائنة وواقية، حتى إذا جاء وقت دبيب الروح فيها حدث عجب آخر، وذلك لأنه يخرج من بيضه