شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٦٧
[ذكر غرائب الجراد وما احتوت عليه من صنوف الصنعة] قال شيخنا أبو عثمان في كتاب " الحيوان " من عجائب الجرادة التماسها لبيضها الموضع الصلد، والصخور الملس، ثقة منها انها إذا ضربت بأذنابها فيها، انفرجت لها، ومعلوم أن ذنب الجرادة ليس في خلقة المنشار (1) ولا طرف ذنبه كحد السنان، ولها من قوة الأسر، ولا لذنبها من الصلابة ما إذا اعتمدت به على الكدية (2) خرج (3) ، فيها كيف وهي تتعدى إلى ما هو أصلب من ذلك، وليس في طرفها كإبرة العقرب.
وعلى أن العقرب ليس تخرق القمقم، (4) من جهد الأيد وقوة البدن، بل إنما ينفرج لها بطبع مجعول هناك، وكذاك انفراج الصخور لأذناب الجراد.
ولو أن عقابا أرادت أن تخرق جلد الجاموس لما انخرق لها الا بالتكلف الشديد، والعقاب هي التي تنكدر (5) على الذئب [الأطلس] (6); فتقد بدابرتها ما بين صلاه إلى موضع الكاهل (7).
فإذا غرزت (8) الجرادة، وألقت بيضها، وانضمت عليها تلك الأخاديد التي هي أحدثها، وصارت كالأفاحيص لها صارت حاضنة لها ومربية، وحافظة وصائنة وواقية، حتى إذا جاء وقت دبيب الروح فيها حدث عجب آخر، وذلك لأنه يخرج من بيضه

(1) في الحيوان: (المسمار).
(2) الكدية: الصفاة العظيمة. وفي الحيوان: (الكدية والكذانة) واحدة الكذان; وهي حجارة كأنها المدر فيها رخاوة.
(3) في الحيوان: (جرح).
(4) القمقم: ما يسخن فيه الماء من نحاس وغيره، ويكون ضيق الرأس.
(5) تنكدر: تنقض.
(6) من الحيوان.
(7) تقد: تقطع. والدابرة: الإصبع التي من وراء رجلها. والصلا بالفتح: وسط الظهر.
والكاهل: مقدم أعلى الظهر.
(8) غرزت الجرادة: أثبتت ذنبها في الأرض لتبيض.
(٦٧)
مفاتيح البحث: الفرج (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317