شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٢
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله اما ما ذكر من كثرة المال والصديق، واستفاضة الذكر وبعد الصيت وكبر السن، فكله عليه لا له، وذلك لأنه قد علم أن من سيرة العرب وأخلاقها حفظ الصديق والوفاء بالذمام والتهيب لذي الثروة واحترام ذي السن العالية، وفى كل هذا ظهر شديد، وسند وثقة يعتمد عليها عند المحن، ولذلك كان المرء منهم إذا تمكن من صديقه أبقى عليه، واستحيا منه، وكان ذلك سببا لنجاته والعفو عنه، على أن علي بن أبي طالب عليه السلام إن لم يكن شهره سنه، فقد شهره نسبه وموضعه من بني هاشم، وإن لم يستفض ذكره بلقاء الرجال، وكثرة الاسفار استفاض بأبي طالب، فأنتم تعلمون انه ليس تيم في بعد الصيت كهاشم، ولا أبو قحافة كأبي طالب، وعلى حسب ذلك يعلو ذكر الفتى على ذي السن ويبعد صيت الحدث على الشيخ، ومعلوم أيضا أن عليا على أعناق المشركين أثقل، إذ كان هاشميا، وإن كان أبوه حامى رسول الله صلى الله عليه وآله، والمانع لحوزته، وعلى هو الذي فتح على العرب باب الخلاف، واستهان بهم، بما أظهر من الاسلام والصلاة، وخالف رهطه وعشيرته، وأطاع ابن عمه فيما لم يعرف من قبل، ولا عهد له نظير، كما قال تعالى ﴿لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون﴾ (1) ثم كان بعد صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، ومشتكى حزنه، وأنيسه في خلوته، وجليسه وأليفه في أيامه كلها، وكل هذا يوجب التحريض عليه، ومعاداة العرب له، ثم أنتم معاشر العثمانية، تثبتون لأبي بكر فضيلة بصحبة الرسول صلى الله عليه وآله من مكة إلى يثرب، ودخوله معه في الغار، فقلتم مرتبة شريفة وحالة جليلة، إذ كان شريكه في الهجرة، وأنيسه في الوحشة، فأين هذه من صحبة علي عليه السلام له في خلوته، وحيث لا يجد أنيسا غيره، ليله ونهاره، أيام مقامه بمكة يعبد الله

(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317