شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٠٧
[قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد] وعلى ذكر قوله عليه السلام (سلوني)، حدثني من أثق به من أهل العلم حديثا، وإن كان فيه بعض الكلمات العامية، الا انه يتضمن ظرفا ولطفا، ويتضمن أيضا أدبا.
قال كان ببغداد في صدر أيام الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضئ بالله، واعظ مشهور بالحذق ومعرفة الحديث والرجال، وكان يجتمع إليه تحت منبره خلق عظيم من عوام بغداد ومن فضلائها أيضا، وكان مشتهرا بذم أهل الكلام وخصوصا المعتزلة وأهل النظر، على قاعدة الحشوية، ومبغضي أرباب العلوم العقلية، وكان أيضا منحرفا عن الشيعة برضا العامة بالميل عليهم، فاتفق قوم من رؤساء الشيعة على أن يضعوا عليه من يبكته ويسأله تحت منبره، ويخجله ويفضحه بين الناس في المجلس، وهذه عادة الوعاظ; يقوم إليهم قوم فيسألونهم مسائل يتكلفون الجواب عنها، وسألوا عمن ينتدب لهذا، فأشير عليهم بشخص كان ببغداد يعرف بأحمد بن عبد العزيز الكزي، كان له لسن، ويشتغل بشئ يسير من كلام المعتزلة، ويتشيع، وعنده قحة، وقد شدا أطرافا من الأدب، وقد رأيت انا هذا الشخص في آخر عمره، وهو يومئذ شيخ والناس يختلفون إليه في تعبير الرؤيا، فاحضروه وطلبوا إليه أن يعتمد ذلك، فأجابهم، وجلس ذلك الواعظ في يومه الذي جرت عادته بالجلوس فيه، واجتمع الناس عنده على طبقاتهم، حتى امتلأت الدنيا بهم، وتكلم على عادته فأطال، فلما مر في ذكر صفات البارئ سبحانه في أثناء الوعظ، قام إليه الكزي، فسأله أسئلة عقلية، على منهاج كلام المتكلمين من المعتزلة، فلم يكن للواعظ عنها جواب نظري، وإنما دفعه بالخطابة والجدل، وسجع الألفاظ; وتردد الكلام بينهما طويلا، وقال الواعظ في آخر الكلام أعين المعتزلة حول، وصوتي
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317