شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٤٦
أحد له الا بعد حين. ومنهم من لم يستجب له أصلا، فان جعفرا عليه السلام كان ملتصقا به، ولم يسلم حينئذ، وكان عتبة بن أبي لهب ابن عمه وصهره زوج ابنته ولم يصدقه، بل كان شديدا عليه، وكان لخديجة بنون من غيره، ولم يسلموا حينئذ، وهم ربائبه (1) ومعه في دار واحدة. وكان أبو طالب أباه في الحقيقة وكافله وناصره، والمحامي عنه، ومن لولاه لم تقم له قائمة، ومع ذلك لم يسلم في أغلب الروايات، وكان العباس عمه وصنو أبيه، وكالقرين له في الولادة والمنشأ والتربية، ولم يستجب له الا بعد حين طويل، وكان أبو لهب عمه، وكدمه ولحمه، ولم يسلم، وكان شديدا عليه، فكيف ينسب اسلام علي عليه السلام إلى الألف والتربية والقرابة واللحمة والتلقين والحضانة، والدار الجامعة، وطول العشرة والانس والخلوة وقد كان كل ذلك حاصلا لهؤلاء أو لكثير منهم، ولم يهتد أحد منهم إذ ذاك، بل كانوا بين [من] (2) جحد وكفر ومات على كفره، ومن أبطأ وتأخر، وسبق بالاسلام وجاء سكيتا، وقد فاز بالمنزلة غيره.
وهل يدل تأمل حال علي عليه السلام مع الانصاف الا على أنه أسلم، لأنه شاهد الاعلام، ورأي المعجزات، وشم ريح النبوة، ورأي نور الرسالة، وثبت اليقين في قلبه بمعرفة وعلم ونظر صحيح، لا بتقليد ولا حمية، ولا رغبة ولا رهبة، الا فيما يتعلق بأمور الآخرة.
قال الجاحظ فلو أن عليا عليه السلام كان بالغا حيث أسلم، لكان اسلام أبى بكر وزيد بن حارثة وخباب بن الأرت أفضل من اسلامه، لان اسلام المقتضب (4) الذي لم يعتد به ولم يعوده، ولم يمرن عليه، أفضل من اسلام الناشئ الذي ربى فيه، ونشأ وحبب

(1) الربائب: أولاد الزوج.
(2) من ا.
(3) السكيت: الفرس يجئ آخر الحلبة.
(4) المقتضب: غير المستعد للشئ.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317