أهل العلم ذكروا انه لما كان صغيرا جعلته أمه في سرب لم يطلع عليه أحد، فلما نشأ ودرج وعقل قال لامه من ربى قالت أبوك، قال فمن رب أبى فزبرته ونهرته، إلى أن طلع من شق السرب، فرأى كوكبا، فقال هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربى، فلما أفل قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم انى برئ مما تشركون، انى وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما انا من المشركين، وفى ذلك يقول الله جل ثناؤه
﴿وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين﴾ (١) وعلى هذا كان اسلام الصديق الأكبر عليه السلام، لسنا نقول إنه كان مساويا له في الفضيلة، ولكن كان مقتديا بطريقه على ما قال الله تعالى
﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين﴾ (2). واما اعتلال الجاحظ بان له ظهرا كأبي طالب وردءا
كبني هاشم، فإنه يوجب عليه أن تكون محنة أبى بكر وبلال ثوابهما وفضل اسلامهما أعظم مما
لرسول الله صلى الله عليه وآله، لان أبا طالب ظهره
وبنى هاشم ردؤه، وحسبك جهلا من معاند لم يستطع حط قدر
علي عليه السلام الا بحطه من قدر
رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن أحد أشد على
رسول الله صلى الله عليه وآله من قراباته، الأدنى منهم فالأدنى، كأبي لهب عمه وامرأة أبى لهب، وهي أم جميل بنت
حرب بن أمية وإحدى أولاد عبد مناف، ثم ما كان من عقبة بن أبي معيط، وهو ابن عمه، وما كان من النضر بن الحارث، وهو من بنى عبد الدار بن قصي، وهو ابن عمه أيضا، وغير هؤلاء ممن يطول تعداده، وكلهم كان يطرح الأذى في طريقه، وينقل اخباره، ويرميه بالحجارة، ويرمى الكرش