والفرث عليه، وكانوا يؤذون عليا عليه السلام كأذاه، ويجتهدون في غمه ويستهزئون به، وما كان لأبي بكر قرابة تؤذيه كقرابة على ولما كان بين على، وبين النبي صلى الله عليه وآله من الاتحاد والألف والاتفاق، أحجم المنافقون بالمدينة عن أذى رسول الله صلى الله عليه وآله خوفا من سيفه، ولأنه صاحب الدار والجيش، وأمره مطاع، وقوله نافذ، فخافوا على دمائهم منه، فاتقوه، وأمسكوا عن اظهار بغضه، وأظهروا بغض علي عليه السلام وشنآنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في حقه في الخبر الذي روى في جميع الصحاح (لا يحبك الا مؤمن، ولا يبغضك الا منافق) وقال كثير من اعلام الصحابة - كما روى في الخبر المشهور بين المحدثين (ما كنا نعرف المنافقين الا ببغض على ابن أبي طالب) وأين كان ظهر أبى طالب عن جعفر، وقد أزعجه الأذى عن وطنه، حتى هاجر إلى بلاد الحبشة وركب البحر، أيتوهم الجاحظ أن أبا طالب نصر عليا، وخذل جعفرا.
قال الجاحظ ولأبي بكر فضيلة في اسلامه انه كان قبل اسلامه كثير الصديق، عريض الجاه، ذا يسار وغنى، يعظم لماله، ويستفاد من رأيه، فخرج من عز الغنى وكثرة الصديق إلى ذل الفاقة وعجز الوحدة، وهذا غير اسلام من لا حراك به، ولا عز له، تابع غير متبوع، لان من أشد ما يبتلى الكريم به، السب بعد التحية، والضرب بعد الهيبة، والعسر بعد اليسر. ثم كان أبو بكر دعية من دعاة الرسول، وكان يتلوه في جميع أحواله، فكان الخوف إليه أشد، والمكروه نحوه أسرع، وكان ممن تحسن مطالبته، ولا يستحيى من ادراك الثار عنده، لنباهته، وبعد ذكره، والحدث الصغير يزدري ويحتقر لصغر سنه وخمول ذكره (1).