شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٩
إلى غيرهم قصدوا إلى معاجلته، وتعاقدوا على أن يبيتوه في فراشه، وان يضربوه بأسياف كثيرة، بيد كل صاحب قبيلة من قريش سيف منها، ليضيع دمه بين الشعوب، ويتفرق بين القبائل، ولا يطلب بنو هاشم بدمه قبيلة واحدة بعينها من بطون قريش، وتحالفوا على تلك الليلة، واجتمعوا عليها، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك من أمرهم، دعا أوثق الناس عنده، أمثلهم في نفسه، وأبذلهم في ذات الاله لمهجته، وأسرعهم أجابه إلى طاعته، فقال له إن قريشا قد تحالفت على أن تبيتني هذه الليلة، فامض إلى فراشي، ونم في مضجعي، والتف في بردى الحضرمي ليروا انى لم اخرج، وإني خارج إن شاء الله. فمنعه أولا من التحرز وإعمال الحيلة، وصده عن الاستظهار لنفسه بنوع من أنواع المكايد والجهات التي يحتاط بها الناس لنفوسهم، والجاه إلى أن يعرض نفسه لظبات السيوف الشحيذة من أيدي أرباب الحنق والغيظة، فأجاب إلى ذلك سامعا مطيعا طيبة بها نفسه، ونام على فراشه صابرا محتسبا، واقيا له بمهجته، ينتظر القتل، ولا نعلم فوق بذل النفس درجه يلتمسها صابر، ولا يبلغها طالب، (والجود بالنفس أقصى غاية الجود)، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم أنه أهل لذلك، لما أهله، ولو كان عنده نقص في صبره أو في شجاعته أو في مناصحته لابن عمه، واختير لذلك، لكان من اختاره صلى الله عليه وآله منقوضا في رأيه، مضرا في اختياره، ولا يجوز أن يقول هذا أحد من أهل الاسلام، وكلهم مجمعون على أن الرسول صلى الله عليه وآله عمل الصواب، وأحسن في الاختيار.
ثم في ذلك - إذا تأمله المتأمل - وجوه من الفضل:
منها انه وإن كان عنده في موضع الثقة، فإنه غير مأمون عليه الا يضبط السر فيفسد التدبير بافشائه تلك الليلة إلى من يلقيه إلى الأعداء.
ومنها انه وإن كان ضابطا للسر وثقه عند من اختاره، فغير مأمون عليه الجبن عند
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317