قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل في قوله: " ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما " فقد فارقناك من بعد قصي بن كلاب، أفنحن في فرقة الخير أم لا؟ إن قلت: نعم خصمت (1) وإن قلت لا كفرت!
فضحك بعض القوم، فقال ابن الزبير: أما والله لولا تحرمك بطعامنا يا بن عباس لأعرقت جبينك قبل أن تقوم من مجلسك، قال ابن عباس: ولم؟ أبباطل، فالباطل لا يغلب الحق، أم بحق؟ فالحق لا يخشى من الباطل.
فقالت المرأة من وراء الستر: إني والله لقد نهيته عن هذا المجلس فأبى إلا ما ترون.
فقال ابن عباس: مه أيتها المرأة! اقنعي ببعلك، فما أعظم الخطر، وما أكرم الخبر فأخذ القوم بيد ابن عباس - وكان قد عمى - فقالوا: انهض أيها الرجل فقد أفحمته غير مرة، فنهض وقال:
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا * فلو ترك القطا لغفا وناما فقال ابن الزبير: يا صاحب القطا، أقبل على، فما كنت لتد عنى حتى أقول وأيم الله لقد عرف الأقوام أنى سابق غير مسبوق، وابن حواري وصديق، متبجح في الشرف الأنيق، خير من طليق.
فقال ابن عباس: دسعت بجرتك (2) فلم تبق شيئا؟ هذا الكلام مردود، من امرئ حسود، فإن كنت سابقا فإلى من سبقت؟ وإن كنت فاخرا فبمن فخرت؟
فإن كنت أدركت هذا الفخر بأسرتك دون أسرتنا، فالفخر لك علينا وإن كنت إنما أدركته بأسرتنا فالفخر لنا عليك، والكثكث (3) في فمك ويديك. وأما ما ذكرت