إحداهما: الطريقة المذكورة في هذا الفصل، وهي طريقة المتكلمين، وهي إثبات أن الأجسام محدثة، ولابد للمحدث من محدث.
والثانية: إثبات وجوده تعالى من النظر في نفس الوجود.
وذلك لان الوجود ينقسم بالاعتبار الأول إلى قسمين: واجب وممكن، وكل ممكن لابد أن ينتهى إلى الواجب، لان طبيعة، الممكن يمتنع من أن يستقل بنفسه في قوامه، فلا بد من واجب يستند إليه، وذلك الواجب الوجود الضروري الذي لابد منه، هو الله تعالى.
وثانيها: إثبات أزليته، وبيانه ما ذكره في هذا الفصل، وهو أن العالم مخلوق له سبحانه، حادث من جهته، والمحدث لا بد له من محدث، فإن كان ذلك المحدث محدثا، عاد القول فيه كالقول في الأول، ويتسلسل، فلا بد من محدث قديم، وذلك هو الله تعالى.
وثالثها: أنه لا شبيه له، أي ليس بجسم كهذه الأجسام، وبيانه ما ذكر أيضا أن مخلوقاته متشابهة، يعنى بذلك ما يريده المتكلمون من قولهم: الأجسام متماثلة في الجسمية، وأن نوع الجسمية واحد، أي لا يخالف جسم جسما بذاته، وإذا كانت متماثلة صح على كل واحد منها ما صح على الاخر، فلو كان [له] سبحانه شبيه منها - أي لو كان جسما مثلها - لوجب أن يكون محدثا كمثلها، أو تكون قديمة مثله، وكلا الامرين محال.
ورابعها: أن المشاعر لا تستلمه، وروى " لا تلمسه "، والمشاعر الحواس، وبيانه أنه تعالى ليس بجسم لما سبق، وما ليس بجسم استحال أن تكون المشاعر لامسة له، لان إدراك المشاعر مدركاته مقصور على الأجسام وهيئاتها. والاستلام في اللغة: لمس الحجر باليد وتقبيله، ولا يهمز، لان أصله من السلام وهي (1) الحجارة، كما يقال: استنوق الجمل وبعضهم يهمزه.