والسلام: الحجارة جمع، واحده سلمة بكسر اللام، يذكر الفتنة، ويقول: إنها تبدو في أول الأمر وأربابها يمرحون ويشبون كما يشب الغلام ويمرح، ثم تؤول إلى أن تعقب فيهم آثارا، كآثار الحجارة في الأبدان، قال الشاعر:
والحب مثل الحرب أولها التخيل والنشاط وختامها أم الربيق * النكر والضرب القطاط (١) ثم ذكر أن هذه الفتنة يتوارثها قوم من قوم، وكلهم ظالم، أولهم يقود آخرهم، كما يقود الانسان القطار من الإبل وهو أمامها وهي تتبعه. وآخرهم يقتدى بأولهم، أي يفعل فعله، ويحذو حذوه.
وجيفة مريحة: منتنة، أراحت ظهر ريحها، ويجوز أن تكون من أراح البعير، أي مات، وقد جاء في " أراح " بمعنى أنتن " راح " بلا همز.
ثم ذكر تبرؤ التابع من المتبوع، يعنى يوم القيامة.
فإن قلت: إن الكتاب العزيز إنما ذكر تبرؤ المتبوع من التابع في قوله: ﴿إذ تبرأ، الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب﴾ (٢)، وهاهنا قد عكس ذلك، فقال: إن التابع يتبرأ من المتبوع!
قلت: إنه قد ورد في الكتاب العزيز مثل ذلك، في قوله: (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون (٣)). ﴿قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا﴾ (4)، فقولهم: (لم نكن ندعو من من قبل شيئا) هو التبرؤ، وهو قوله حكاية عنهم: (والله ربنا ما كنا مشركين (3)، وهذا هو التبرؤ.