فإن قلت: أفتراه عنى بهذا قوما بأعيانهم؟
قلت: الامامية تزعم أنه رمز في الجفاء والعصبية لقوم دون قوم إلى عمر، ورمز بالجهل إلى من كان قبله، ورمز بتعطيل السنة إلى عثمان ومعاوية، وأما نحن فنقول: إنه عليه السلام لم يعن ذلك، وإنما قال قولا كليا غير مخصوص، وهذا هو اللائق بشرفه عليه السلام، وقول الامامية دعوى لا دليل عليها، ولا يعدم كل أحد أن يستنبط من كل كلام ما يوافق غرضه، وإن غمض، ولا يجوز أن تبنى العقائد على مثل هذه الاستنباطات الدقيقة.
والنهمة: الهمة الشديدة بالامر، قد نهم بكذا بالضم، فهو منهوم أي مولع به حريص عليه، يقول: إذا كان الامام بخيلا كان حرصه وجشعه على أموال رعيته، ومن رواها " نهمته "، بالتحريك فهي إفراط الشهوة في الطعام، والماضي نهم، بالكسر.
قوله عليه السلام: " فيقطعهم بجفائه " أي يقطعهم عن حاجاتهم لغلظته عليهم، لان الوالي إذا كان غليظا جافيا أتعب الرعية وقطعهم عن مراجعته في حاجاتهم خوفا من بادرته، ومعرته.
قوله، " ولا الحائف للدول "، أي الظالم لها والجائر عليها. والدول جمع دولة بالضم وهي اسم المال المتداول به، يقال: هذا الفئ دولة بينهم، أي يتداولونه، والمعنى أنه يجب أن يكون الامام يقسم بالسوية، ولا يخص قوما دون قوم على وجه العصبية لقبيلة دون قبيلة، أو لانسان من المسلمين دون غيره، فيتخذ بذلك بطانة.
قوله: " فيقف بها دون المقاطع "، المقاطع: جمع مقطع، وهو ما ينتهى الحق إليه، أي لا تصل الحقوق إلى أربابها لأجل ما اخذ من الرشوة عليها.