زمان القيامة وإن طال، لكنه عند الله في حكم الساعة الواحدة، لان قدرته لا يعجزها أمر، ولا يطول عندها زمان، فيكون إطلاق لفظ " الساعة " على أحد الموضعين حقيقة وعلى الاخر مجازا، وذلك يخرج الكلام عن حد التجنيس، كما لو قلت: ركبت حمارا، ولقيت حمارا، وأردت بالثاني البليد.
وأيضا فلم لا يجوز أن يكون أراد بقوله: (ويوم تقوم الساعة) الأولى خاصة من زمان البعث، فيكون لفظ " الساعة " مستعملا في الموضعين حقيقة بمعنى واحد، فيخرج عن التجنيس، وعن مشابهة التجنيس بالكلية.
قالوا: وورد في السنة من التجنيس التام خبر واحد، وهو قوله صلى الله عليه وآله لقوم من الصحابة، كانوا يتنازعون جرير بن عبد الله البجلي في زمام ناقته: " خلوا بين جرير والجرير "، فالجرير الثاني الحبل.
وجاء من ذلك في الشعر لأبي تمام قوله:
فأصبحت غرر الاسلام مشرقة * بالنصر تضحك عن أيامك الغرر (1) فالغرر الأولى مستعارة من غرة الوجه، والغرر الثانية من غرة الشئ، وهي أكرمه.
وكذلك قوله:
من القوم جعد أبيض الوجه والندى * وليس بنان يجتدي منه بالجعد (2) فالجعد الأول السيد، والثاني ضد السبط وهو من صفات البخيل.
وكذلك قوله:
بكل فتى ضرب يعرض للقنا * محيا محلى حليه الطعن والضرب (3)