قال نصر وجاء عدى بن حاتم يلتمس عليا عليه السلام، ما يطأ إلا على قتيل أو قدم أو ساعد فوجده تحت رايات بكر بن وائل فقال: يا أمير المؤمنين، ألا تقوم حتى نقاتل إلى أن نموت! فقال له علي عليه السلام: ادن فدنا حتى وضع أذنه عند أنفه، فقال: ويحك!
إن عامة من معي اليوم يعصيني، وإن معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه!
قال نصر: وجاء المنذر بن أبي حميصة الوداعي - وكان شاعر همدان وفارسها - عليا عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عكا والأشعريين طلبوا إلى معاوية الفرائض والعطاء فأعطاهم، فباعوا الدين بالدنيا، وإنا قد رضينا بالآخرة من الدنيا، وبالعراق من الشام، وبك من معاوية، والله لآخرتنا خير من دنياهم، ولعراقنا خير من شامهم، ولإمامنا أهدى من إمامهم، فاستفتحنا بالحرب، وثق منا بالنصر، واحملنا على الموت، وأنشده:
إن عكا سألوا الفرائض والأشعر سألوا جوائزا بثنيه تركوا الدين للعطاء وللفرض *، فكانوا بذاك شر البرية وسألنا حسن الثواب من الله * وصبرا على الجهاد ونيه فلكل ما سأله ونواه * كلنا يحسب الخلاف خطيه ولأهل العراق أحسن في الحرب * إذا ما تدانت السمهريه ولأهل العراق أحمل للثقل * إذا عمت البلاد بليه ليس منا من لم يكن في الله * وليا يا ذا الولا والوصية فقال علي عليه السلام: حسبك الله يرحمك الله! وأثنى عليه وعلى قومه خيرا. وانتهى شعره إلى معاوية، فقال: والله لأستميلن بالدنيا ثقات على، ولأقسمن فيهم الأموال حتى تغلب دنياي آخرته.
قال نصر: فلما أصبح الناس غدوا على مصافهم، وأصبح معاوية يدور في أحياء اليمن وقال: عبوا إلى كل فارس مذكور فيكم، أتقوى به على هذا الحي من همدان