شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٨٠
وبحري في شرى الحمد * على شاكلة البحر وهذا من التجنيس، وليس بخارج عنه ولكنه تجنيس مخصوص، وهو الاتيان به في طرفي البيت.
وعد ابن الأثير الموصلي في كتابه من التجنيس قول الشاعر في الشيب:
يا بياضا أذرى دموعي حتى * عاد منها سواد عيني بياضا وكذلك قول البحتري:
وأغر في الزمن البهيم محجل * قد رحت منه على أغر محجل (1) وهذا عندي ليس بتجنيس، لاتفاق المعنى. والعجب منه أنه بعد إيراده هذا أنكر على من قال: إن قول أبى تمام:
أظن الدمع في خدي سيبقى * رسوما من بكائي في الرسوم (2) من التجنيس، وقال: أي تجنيس هاهنا والمعنى متفق! ولو أمعن النظر لرأى هذا مثل البيتين السابقين.
قالوا: فأما الأجناس الستة الباقية، فإنها خارجة عن التجنيس التام، ومشبهة به.
فمنها أن تكون الحروف متساوية في تركيبها، مختلفة في وزنها، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي "، وقول بعضهم: لن تنالوا غرر المعالي إلا بركوب الغرر، واهتبال الغرر "، وقول البحتري:
وفر الحائن المغرور يرجو * أمانا، أي ساعة ما أمان (3)

(1) المثل السائر 1: 352، وذكر بعده:
كالهيكل المبنى إلا أنه * في الحسن جاء كصورة في هيكل ولم أجدها في ديوانه.
(2) ديوانه 3: 160.
(3) ديوانه 2: 279 والحائن: الذي قرب حينه.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست