واعلم أن هذه الأمثلة لهذا القسم، ذكرها ابن الأثير في كتابه، وهو عندي مستدرك، لأنه حد هذا القسم بما يختلف تركيبه، يعنى حروفه الأصلية، ويختلف أيضا وزنه ويكون اختلاف تركيبه بحرف واحد. هكذا قال في تحديده لهذا القسم، وليس بقمر والأقمار مختلفين بحرف واحد، وكذلك عمارة والأعمار، وكذلك العوالي والمعالي.
وأما قوله تعالى: (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) فخارج عن هذا بالكلية، لان جميع أمثلة هذا القسم يختلف فيه الكلمات بالحروف الزائدة، وهذه الآية اختلاف كلمتيها بحروف أصلية، فليست من التجنيس الذي نحن بصدده، بل هي من باب تجنيس التصحيف كقول البحتري:
ولم يكن المعتز بالله إذ سرى * ليعجز والمعتز بالله طالبه (1) ثم قال ابن الأثير في هذا القسم أيضا: ومن ذلك قول محمد بن وهيب الحميري:
قسمت صروف الدهر بأسا ونائلا * فمالك موتور وسيفك واتر.
وهذا أيضا عندي مستدرك، لان اللفظتين كلاهما من الوتر، ويرجعان إلى أصل واحد، إلا أن أحد اللفظين مفعول والاخر فاعل، وليس أحد يقول: إن شاعرا لو قال في شعره ضارب ومضروب، لكان قد جانس.
* * * ومنها القسم المكنى بالمعكوس، وهو على ضربين: عكس لفظ وعكس حرف فالأول كقولهم: " عادات السادات، سادات العادات "، وكقولهم: شيم الأحرار أحرار الشيم.
ومن ذلك قول الأضبط بن قريع:
قد يجمع المال غير آكله * ويأكل المال غير من جمعه