شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٩١
فإن قلت: فقد تطرأ على الانسان حالة يستصعبها قيود الموت لنفسه، ولا يفكر فيما يتعقبه من الحياة التي تشير إليها، ولا يخطر بباله؟
قلت: ذاك شاذ نادر فلا يلتفت إليه، وإنما الحكم للأعم الأغلب، وأيضا فإن ذاك لا يلتذ بالموت، وإنما يتخلص به من الألم، وأمير المؤمنين قال: ما من شئ من الملذات إلا وهو مملول إلا الحياة وبين الملذ، والمخلص من الألم فرق واضح فلا يكون نقضا على كلامه.
فإن قلت: قد ذكرت ما قيل في حب الحياة وكراهية الموت، فهل قيل في عكس ذلك ونقيضه شئ قلت: نعم، فمن ذلك قول أبى الطيب:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا * وحسب المنايا أن يكن أمانيا (1) تمنيتها لما تمنيت أن ترى * صديقا فأعيا، أو عدوا مداجيا وقال آخر:
قد قلت إذ مدحوا الحياة فأسرفوا: * في الموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان لقائه بلقائه * وفراق كل معاشر لا ينصف وقيل لأعرابي وقد احتضر: إنك ميت، قال: إلى أين يذهب بي؟ قيل: إلى الله، قال: ما أكره أن أذهب إلى من لم أر الخير إلا منه.
إبراهيم بن مهدي:
وإني وإن قدمت قبلي لعالم * بأني وإن أبطأت عنك قريب (2) وإن صباحا نلتقي في مسائه * صباح إلى قلبي الغداة حبيب وقال بعض السلف: ما من مؤمن إلا والموت خير له من الحياة، لأنه إن كان محسنا

(١) ديوانه ٤: ٢٨١، ٢٨٢.
(٢) الكامل ٤: ١٨ (طبعة نهضة مصر).
(٢٩١)
مفاتيح البحث: الموت (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303