شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١١٤
المسلم، ولا مكنه من نكاح المسلمات، ولا قسم عليه من الفئ، ولأخرجه عن لفظ الاسلام.
وقد احتجت الخوارج لمذهبها بوجوه:
منها قوله تعالى: " ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين﴾ (١)، قالوا: فجعل تارك الحج كافرا.
والجواب أن هذه الآية مجملة، لأنه تعالى لم يبين (ومن كفر) بماذا؟ فيحتمل أن يريد تارك الحج، ويحتمل أن يريد تارك اعتقاد وجوبه على من استطاع إليه سبيلا، فلا بد من الرجوع إلى دلالة، والظاهر أنه أراد لزوم الكفر لمن كفر باعتقاد كون الحج غير واجب، ألا تراه في أول الآية قال: (ولله على الناس حج البيت)، فأنبأ عن اللزوم، ثم قال:
(ومن كفر) بلزوم ذلك! ونحن نقول: إن من لم يقل: لله على الناس حج البيت، فهو كافر.
ومنها قوله تعالى: ﴿إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ (٢)، قالوا: والفاسق لفسقه وإصراره عليه آيس من روح الله، فكان كافرا.
والجواب أنا لا نسلم أن الفاسق آيس من روح الله مع تجويزه تلافى أمره بالتوبة والإقلاع، وإنما يكون اليأس مع القطع، وليس هذه صفة الفاسق، فأما الكافر الذي يجحد الثواب والعقاب، فإنه آيس من روح الله، لأنه لا تخطر له التوبة والإقلاع، ويقطع على حسن معتقده.
ومنها قوله تعالى: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ (3) وكل مرتكب للذنوب فقد حكم بغير ما أنزل الله ولم يحكم بما أنزل الله.

(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303