شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١١٨
فنص سبحانه على أن من تخف موازينه يكون مكذبا، والفاسق تخف موازينه، فكان مكذبا، وكل مكذب كافر. والجواب أن ذلك لا يمنع من قسم ثالث، وهم الذين لا تخف موازينهم ولا تثقل، وهم الفساق، ولا يلزم من كون كل من خفت موازينه يدخل النار ألا يدخل النار إلا من خفت موازينه.
ومنها قوله تعالى: ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ (١) وهذا يقتضى أن من لا يكون مؤمنا فهو كافر والفاسق ليس بمؤمن، فوجب أن يكون كافرا.
والجواب أن " من " هاهنا للتبعيض، وليس في ذكر التبعيض نفى الثالث، كما أن قوله:
﴿فمنهم من يمشى على رجلين ومنهم يمشى على أربع﴾ (2)، لا ينفى وجود دابة تمشى على أكثر من أربع كبعض الحشرات.
* * * ثم نعود إلى الشرح:
قوله عليه السلام: " ومن رمى به الشيطان مراميه "، أي أضله، كأنه رمى به مرمى بعيدا، فضل عن الطريق، ولم يهتد إليها.
قوله: " وضرب به تيهه " أي حيره وجعله تائها.
ثم قال عليه السلام: يهلك في رجلان، فأحدهما من أفرط حبه له واعتقاده فيه حتى ادعى له الحلول كما ادعت النصارى ذلك في المسيح عليه السلام، والثاني من أفرط بغضه له، حتى حاربه، أو لعنه، أو برئ منه، أو أبغضه، هذه المراتب الأربع، والبغض أدناها، وهو

(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303