فنص سبحانه على أن من تخف موازينه يكون مكذبا، والفاسق تخف موازينه، فكان مكذبا، وكل مكذب كافر. والجواب أن ذلك لا يمنع من قسم ثالث، وهم الذين لا تخف موازينهم ولا تثقل، وهم الفساق، ولا يلزم من كون كل من خفت موازينه يدخل النار ألا يدخل النار إلا من خفت موازينه.
ومنها قوله تعالى: ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ (١) وهذا يقتضى أن من لا يكون مؤمنا فهو كافر والفاسق ليس بمؤمن، فوجب أن يكون كافرا.
والجواب أن " من " هاهنا للتبعيض، وليس في ذكر التبعيض نفى الثالث، كما أن قوله:
﴿فمنهم من يمشى على رجلين ومنهم يمشى على أربع﴾ (2)، لا ينفى وجود دابة تمشى على أكثر من أربع كبعض الحشرات.
* * * ثم نعود إلى الشرح:
قوله عليه السلام: " ومن رمى به الشيطان مراميه "، أي أضله، كأنه رمى به مرمى بعيدا، فضل عن الطريق، ولم يهتد إليها.
قوله: " وضرب به تيهه " أي حيره وجعله تائها.
ثم قال عليه السلام: يهلك في رجلان، فأحدهما من أفرط حبه له واعتقاده فيه حتى ادعى له الحلول كما ادعت النصارى ذلك في المسيح عليه السلام، والثاني من أفرط بغضه له، حتى حاربه، أو لعنه، أو برئ منه، أو أبغضه، هذه المراتب الأربع، والبغض أدناها، وهو