والفاسق لا يجوز أن يكون ممن ابيضت وجوههم، فوجب أن يكون ممن اسودت، ووجب أن يسمى كافرا، لقوله: بما كنتم تكفرون.
والجواب أن هذه القسمة ليست متقابلة، فيجوز أن يكون المكلفون ثلاثة أقسام:
بيض الوجوه، وسود الوجوه، وصنف آخر ثالث بين اللونين وهم الفساق.
ومنها قوله تعالى: ﴿وجوه يومئذ مسفرة ضاحكه مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة﴾ (1). قالوا: والفاسق على وجهه غبرة، فوجب أن يكون من الكفرة والفجرة. والجواب أنه يجوز أن يكون الفساق قسما ثالثا لا غبرة على وجوههم، ولا هي مسفرة ضاحكة، بل على ما كانت عليه في دار الدنيا. ومنها قوله تعالى: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) (2) قالوا: والفاسق لابد أن يجازى، فوجب أن يكون كفورا.
والجواب، أن المراد بذلك: " وهل نجازي بعقاب الاستئصال إلا الكفور "!
لان الآية وردت في قصة أهل سبأ، لكونهم استؤصلوا بالعقوبة. ومنها أنه تعالى قال: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (3) وقال في آية أخرى: (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون (4) فجعل الغاوي الذي يتبعه مشركا. والجواب أنا لا نسلم أن لفظة " إنما " تفيد الحصر وأيضا فإنه عطف قوله: