شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١١٦
والفاسق لا يجوز أن يكون ممن ابيضت وجوههم، فوجب أن يكون ممن اسودت، ووجب أن يسمى كافرا، لقوله: بما كنتم تكفرون.
والجواب أن هذه القسمة ليست متقابلة، فيجوز أن يكون المكلفون ثلاثة أقسام:
بيض الوجوه، وسود الوجوه، وصنف آخر ثالث بين اللونين وهم الفساق.
ومنها قوله تعالى: ﴿وجوه يومئذ مسفرة ضاحكه مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة﴾ (1). قالوا: والفاسق على وجهه غبرة، فوجب أن يكون من الكفرة والفجرة. والجواب أنه يجوز أن يكون الفساق قسما ثالثا لا غبرة على وجوههم، ولا هي مسفرة ضاحكة، بل على ما كانت عليه في دار الدنيا. ومنها قوله تعالى: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) (2) قالوا: والفاسق لابد أن يجازى، فوجب أن يكون كفورا.
والجواب، أن المراد بذلك: " وهل نجازي بعقاب الاستئصال إلا الكفور "!
لان الآية وردت في قصة أهل سبأ، لكونهم استؤصلوا بالعقوبة. ومنها أنه تعالى قال: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (3) وقال في آية أخرى: (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون (4) فجعل الغاوي الذي يتبعه مشركا. والجواب أنا لا نسلم أن لفظة " إنما " تفيد الحصر وأيضا فإنه عطف قوله:

(١) سورة عبس ٣٨ - ٤٢.
(٢) سورة سبأ ٤٧.
(٣) سورة الحجر ٤٢.
(٤) سورة النحل ١٠٠.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303