وقد قيل: إنه كنى عن معاوية وما حدث في أيامه من الفتن، وما حدث بعده من فتنة يزيد وعبيد الله بن زياد، وواقعة الحسين عليه السلام، والأول أرجح، لان معاوية في أيام أمير المؤمنين عليه السلام كان قد نعق بالشام، ودعاهم إلى نفسه، والكلام يدل على إنسان ينعق فيما بعد، ألا تراه يقول: لكأني أنظر إلى ضليل قد نعق بالشام!
* * * ثم نعود إلى تفسير الألفاظ والغريب.
النعيق: صوت الراعي بغنمه، وفحص براياته. من قولهم: ما له مفحص قطاة، أي مجثمها، كأنهم جعلوا ضواحي الكوفة مفحصا ومجثما لراياتهم.
وكوفان: اسم الكوفة، والكوفة في الأصل: اسم الرملة الحمراء، وبها سميت الكوفة.
وضواحيها: نواحيها القريبة منها البارزة عنها، يريد رستاقها.
وفغرت فاغرته: فتح فاه، وهذا من باب الاستعارة، أي إذا فتك فتح فاه وقتل، كما يفتح الأسد فاه عند الافتراس والتأنيف للفتنة.
والشكيمة في الأصل: حديدة معترضة في اللجام في فم الدابة، ثم قالوا: فلان شديد الشكيمة، إذا كان شديد المراس شديد النفس عسر الانقياد.
وثقلت وطأته: عظم جوره وظلمه. وكلوح الأيام: عبوسها، والكدوح: الآثار من الجراحات.
والقروح: الواحد الكدح، أي الخدش.
والمراد من قوله: " من الأيام "، ثم قال: " ومن الليالي " أن هذه الفتنة مستمرة الزمان كله، لان الزمان ليس إلا النهار والليل.
وأينع الزرع: أدرك ونضج، وهو الينع والينع، بالفتح والضم، مثل النضج والنضج