ولا يستهوينكم: أي لا يستهيمنكم يجعلكم هائمين.
ولا تتراموا بالابصار، أي لا يلحظ بعضكم بعضا، فعل المنكر المكذب.
ثم أقسم بالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، فلق الحبة من البر، أي شقها وأخرج منها الورق الأخضر، قال تعالى: إن الله فالق الحب والنوى) (1).
وبرأ النسمة، أي خلق الانسان، وهذا القسم لا يزال أمير المؤمنين يقسم به، وهو من مبتكراته ومبتدعاته.
والمبلغ والسامع هو نفسه عليه السلام، يقول: ما كذبت على الرسول تعمدا، ولا جهلت ما قاله فأنقل عنه غلطا.
والضليل: الكثير الضلال، كالشريب والفسيق ونحوهما.
وهذا كناية عن عبد الملك بن مروان، لأن هذه الصفات والأمارات فيه أتم منها في غيره، لأنه قام بالشام حين دعا إلى نفسه، وهو معنى نعيقه، وفحصت راياته بالكوفة، تارة حين شخص بنفسه إلى العراق وقتل مصعبا، وتارة لما استخلف الامراء على الكوفة كبشر بن مروان أخيه، وغيره حتى انتهى الامر إلى الحجاج، وهو زمان اشتداد شكيمة عبد الملك وثقل وطأته، وحينئذ صعب الامر جدا، وتفاقمت الفتن مع الخوارج وعبد الرحمن بن الأشعث، فلما كمل أمر عبد الملك - وهو معنى " أينع زرعه " هلك، وعقدت رايات الفتن المعضلة من بعده، كحروب أولاده مع بنى المهلب، وكحروبهم مع زيد بن علي عليه السلام، وكالفتن الكائنة بالكوفة أيام يوسف بن عمر وخالد القسري وعمر بن هبيرة وغيرهم، وما جرى فيها من الظلم واستئصال الأموال، وذهاب النفوس.