أيها الناس لا يجرمنكم شقاقي، ولا يستهوينكم عصياني، ولا تتراموا بالابصار عندما تسمعونه منى، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، أن الذي أنبئكم به عن النبي الأمي (١) صلى الله عليه، والله (٢) ما كذب المبلغ، ولا جهل السامع.
لكأني أنظر إلى ضليل قد نعق بالشام، وفحص براياته في ضواحي كوفان، فإذا فغرت فاغرته، واشتدت شكيمته، وثقلت في الأرض وطأته، عضت الفتنة أبناءها بأنيابها، وماجت الحرب بأمواجها، وبدا من الأيام كلوحها، ومن الليالي كدوحها، فإذا أينع زرعه، وقام على ينعه (٣)، وهدرت شقاشقه، وبرقت بوارقه، عقدت رايات الفتن المعضلة، وأقبلن كالليل المظلم، والبحر الملتطم.
هذا وكم يخرق الكوفة من قاصف، ويمر عليها من عاصف! وعن قليل تلتف القرون بالقرون، ويحصد القائم ويحطم المحصود!
* * * الشرح:
في الكلام محذوف، وتقديره: " لا يجرمنكم شقاقي على أن تكذبوني "، والمفعول فضلة وحذفه كثير، نحو قوله تعالى: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) (٤)، فحذف العائد إلى الموصول، ومنها قوله سبحانه: ﴿لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم﴾ (5) أي من رحمه، ولا بد من تقدير العائد إلى الموصول، وقد قرئ قوله: (وما عملته أيديهم) و (ما عملت أيديهم) (6)، بحذف المفعول.
لا يجرمنكم: لا يحملنكم، وقيل: لا يكسبنكم وهو من الألفاظ القرآنية.