المصدرية المحضة، كأنه قال: فوافى بالمعصية موافاة، وطابق بها " سابق العلم " مطابقة.
قوله: " فأهبطه بعد التوبة "، قد اختلف الناس في ذلك، فقال قوم: بل أهبطه قبل التوبة، ثم تاب عليه وهو في الأرض. وقال قوم: تاب قبل الهبوط، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قلنا اهبطوا منها جميعا﴾ (١)، فأخبر عن أنه أهبطهم بعد تلقى الكلمات والتوبة. وقال تعالى في موضع آخر: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) (٢).
فبين أن اعترافهما بالمعصية واستغفارهما كانا قبل أمرهما بالهبوط، وقال في موضع آخر:
﴿وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. قال اهبطا منها جميعا﴾ (3)، جعل الإهباط بعد الاجتباء والتوبة. واحتج الأولون بقوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين.
فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) (4)، قالوا: فأخبر سبحانه عن أمره لهم بالهبوط عقيب إزلال الشيطان لهما، ثم عقب الهبوط بفاء التعقيب في قوله: (فتلقى آدم من ربه كلمات)، فدل على أن التوبة بعد الهبوط.