بفيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعا لهم، أو غير ضائر بهم.
ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربه، والصاحب من مستصحبه، ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية، وقطعا جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى، نحن أهل البيت منها بمنجاة، ولسنا فيها بدعاة، ثم يفرجها الله عنكم كتفريج الأديم، بمن يسومهم خسفا، ويسوقهم عنفا، ويسقيهم بكأس مصبرة لا يعطيهم إلا السيف، ولا يحلسهم إلا الخوف، فعند ذلك تود قريش بالدنيا وما فيها لو يرونني مقاما واحدا، ولو قدر جزر جزور لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه فلا يعطوننيه.
* * * الشرح:
فقأت عينه، أي بخقتها، وتفقأت السحابة عن مائها: تشققت، وتفقأ الدمل والقرح، ومعنى فقئه عليه السلام عين الفتنة، إقدامه عليها حتى أطفأ نارها، كأنه جعل للفتنة عينا محدقة يهابها الناس، فأقدم هو عليها، ففقأ عينها، فسكنت بعد حركتها وهيجانها.
وهذا من باب الاستعارة، وإنما قال: " ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري "، لان الناس كلهم كانوا يهابون قتال أهل القبلة، ولا يعلمون كيف يقاتلونهم، هل يتبعون موليهم أم لا؟ وهل يجهزون على جريحهم أم لا! وهل يقسمون فيئهم أم لا! وكانوا يستعظمون قتال من يؤذن كأذاننا، ويصلى كصلاتنا، واستعظموا أيضا حرب عائشة وحرب طلحة والزبير، لمكانهم في الاسلام، وتوقف جماعتهم عن الدخول في تلك الحرب، كالأحنف ابن قيس وغيره، فلو لا أن عليا اجترأ على سل السيف فيها ما أقدم أحد عليها، حتى