لأدت الحال إلى قعود الفيلقين معا، ولزومهم الأرض وإلقائهم السلاح، فإن الحال أفضت بعظمها وهو لها إلى ما يعجز اللسان عن وصفه.
* * * واعلم أنه عليه السلام لما قال هذا القول، واستدرك بكلام آخر حذرا أن يثبت على نفسه الخطأ في الرأي، فقال: لقد كان هذا رأيا لو كان لي من يطيعني فيه، ويعمل بموجبه، وأستعين به على فعله، ولكن بمن كنت أعمل ذلك، وإلى من أخلد في فعله!
أما الحاضرون لنصري فأنتم وحالكم معلومة في الخلاف والشقاق والعصيان، وأما الغائبون من شيعتي كأهل البلاد النائية فإلى أن يصلوا يكون قد بلغ العدو غرضه منى، ولم يبق من أخلد إليه في إصلاح الامر وإبرام هذا الرأي الذي كان صوابا لو اعتمد، إلا أن أستعين ببعضكم على بعض، فأكون كناقش الشوكة بالشوكة، وهذا مثل مشهور: " لا تنقش الشوكة بالشوكة ". فإن ضلعها لها، والضلع الميل، يقول: لا تستخرج الشوكة الناشبة في رجلك بشوكة مثلها، فإن إحداهما في القوة والضعف كالأخرى، فكما أن الأولى انكسرت لما وطئتها فدخلت في لحمك، فالثانية إذا حاولت استخراج الأولى بها تنكسر، وتلج في لحمك.
ثم قال: " اللهم إن هذا الداء الدوي، قد ملت أطباؤه "، والدوي: الشديد، كما تقول: ليل أليل.
وكلت النزعة، جمع نازع، وهو الذي يستقى الماء، والأشطان: جمع شطن، وهو الحبل. والركى: الآبار، جمع ركية، وتجمع أيضا على ركايا.
ثم قال: أين القوم! هذا كلام متأسف على أولئك، متحسر على فقدهم.
والوله: شدة الحب حتى يذهب العقل، وله الرجل.
واللقاح: بكسر اللام: الإبل، والواحدة لقوح، وهي الحلوب، مثل قلاص وقلوص.