يا أهل الكوفة، إنه لم يخطب على منبركم هذا خليفة حق إلا علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا، فاحمدوا الله الذي رد إليكم أموركم. ثم نزل.
وقد روى حديث خطبة داود بن علي برواية أخرى، وهي الأشهر، قالوا: لما صعد أبو العباس منبر الكوفة، حصر فلم يتكلم، فقام داود بن علي، وكان تحت منبره حتى قام بين يديه تحته بمرقاة، فاستقبل الناس، وقال:
أيها الناس، إن أمير المؤمنين يكره أن يتقدم قوله فعله، ولأثر الفعال أجدى عليكم من تشقيق المقال، وحسبكم كتاب الله تمثلا فيكم، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله خليفة عليكم، أقسم بالله قسما برا ما قام هذا المقام أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أحق به من علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا فليهمس هامسكم، ولينطق ناطقكم. ثم نزل.
* * * ومن خطب داود التي خطب بها بعد قتل مروان:
شكرا شكرا! أظن عدو الله أن لن يظفر به، أرخى له في زمامه، حتى عثر في فضل خطامه، فالآن عاد الحق إلى نصابه، وطلعت الشمس من مطلعها، وأخذ القوس باريها، وصار الامر إلى النزعة (1)، ورجع الحق إلى مستقره، أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة والرحمة.
* * * وخطب عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، لما قتل مروان، فقال: الحمد لله الذي لا يفوته من طلب، ولا يعجزه من هرب، خدعت والله الأشقر نفسه، إذ ظن أن الله ممهله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فحتى متى، وإلى متى! أما والله