إياكم أن تلينوا لاعتذارهم * فليس ذلك إلا الخوف والطمع لو أنهم أمنوا أبدوا عداوتهم * لكنهم قمعوا بالذل فانقمعوا أليس في ألف شهر قد مضت لهم * سقيتم جرعا من بعدها جرع حتى إذا ما انقضت أيام مدتهم * متوا إليكم بالأرحام التي قطعوا هيهات لا بد أن يسقوا بكأسهم * ريا وأن يحصدوا والزرع الذي زرعوا إنا وإخواننا الأنصار شيعتكم * إذا تفرقت الأهواء والشيع (1) * * * قال أبو الفرج: وروى ابن المعتز في قصة سديف مثل ما ذكرناه من قبل، إلا أنه قال فيها: فلا أنشده ذلك التفت إليه أبو الغمر سليمان بن هشام، فقال: يا ماص بظر أمه، أتجبهنا بمثل هذا ونحن سروات الناس! فغضب أبو العباس - وكان سليمان بن هشام صديقه قديما وحديثا، يقضى حوائجه في أيامهم ويبره - فلم يلتفت إلى ذلك، وصاح، بالخراسانية:
[خذوهم] (2)! فقتلوهم جميعا إلا سليمان بن هشام، فأقبل عليه أبو العباس، فقال: يا أبا الغمر: ما أرى لك في الحياة بعد هؤلاء خيرا. قال: لا والله، قال: فاقتلوه، وكان إلى جنبه فقتل وصلبوا في بستانه، حتى تأذى جلساؤه بريحهم، فكلموه في ذلك، فقال: والله إن ريحهم عندي لألذ وأطيب من ريح المسك والعنبر غيظا عليهم [وحنقا] (2).
* * * قال أبو الفرج: وكان أبو سعيد مولى فائد من مواليهم يعد في موالي عثمان بن عفان واسم أبي سعيد إبراهيم، وهو من شعرائهم الذين رثوهم، وبكوا على دولتهم وأيامهم، فمن شعره بعد زوال أمرهم: