فقالت: أيها الأمير، إن العدل ليمل من الاكثار منه، والاسراف فيه، فكيف لا تمل أنت من الجور وقطيعة الرحم! فأطرق ثم قال لها:
سننتم علينا القتل لا تنكرونه * فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر ثم قال: يا أمة الله * وأول راض سنة من يسيرها * (1).
ألم تحاربوا عليا وتدفعوا حقه؟ ألم تسموا حسنا وتنقضوا شرطه؟ ألم تقتلوا حسينا وتسيروا رأسه؟ ألم تقتلوا زيدا وتصلبوا جسده؟ ألم تقتلوا يحيى وتمثلوا به؟ ألم تلعنوا عليا على منابركم؟ ألم تضربوا أبانا علي بن عبد الله بسياطكم؟ ألم تخنقوا الامام بجراب النورة في حبسكم؟ ثم قال: ألك حاجة؟ قالت قبض عمالك أموالي، فأمر برد أموالها عليها.
* * * لما سار مروان إلى الزاب، حفر خندقا، فسار إليه أبو عون عبد الله بن يزيد الأزدي، وكان قحطبة بن شبيب قد وجهه وأمده أبو سلمة الخلال بأمداد كثيرة، فكان بإزاء مروان. ثم إن أبا العباس السفاح قال لأهله وهو بالكوفة حينئذ: من يسير إلى مروان من أهل بيتي وله ولاية العهد إن قتله؟ فقال عبد الله عمه: أنا، قال: سر على بركة الله، فسار فقدم على أبى عون، فتحول له أبو عون عن سرادقه وخلاه له بما فيه، ثم سأل عبد الله عن مخاضة في الزاب، فدل عليها، فأمر قائدا من قواده فعبرها في خمسة آلاف، فانتهى إلى عسكر مروان فقاتلهم، حتى أمسوا وتحاجزوا، ورجع القائد بأصحابه، فعبر المخاضة إلى عسكر عبد الله بن علي، وأصبح مروان، فعقد جسرا، وعبر بالجيش كله إلى