ولا يعزوا دينه، ولا يدفعوا عنه عداه، حتى أراد الله بكم خير الفضيلة، وساق إليكم الكرامة، وخصكم بدينه، ورزقكم الايمان به وبرسوله، والإعزاز لدينه، والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم وأثقله على عدوه من غيركم، حتى استقاموا لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داحضا، حتى أنجز الله لنبيكم الوعد، ودانت لأسيافكم العرب ثم توفاه الله تعالى، وهو عنكم راض، وبكم قرير عين، فشدوا يديكم بهذا الامر، فإنكم أحق الناس وأولاهم به.
فأجابوا جميعا: أن وفقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدو ما أمرت، نوليك هذا الامر، فأنت لنا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا.
ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم، فقالوا: إن أبت مهاجرة قريش فقالوا: نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه، فعلام تنازعوننا هذا الامر من بعده؟ فقالت طائفة منهم: إذا نقول: منا أمير، ومنكم أمير، لن نرضى بدون هذا منهم أبدا، لنا في الايواء والنصرة ما لهم في الهجرة، ولنا في كتاب الله ما لهم، فليسوا يعدون شيئا إلا ونعد مثله، وليس من رأينا الاستئثار عليهم فمنا أمير ومنهم أمير.
فقال سعد بن عبادة: هذا أول الوهن.
وأتى الخبر عمر، فأتى منزل رسول الله صلى الله عليه وآله، فوجد أبا بكر في الدار وعليا في جهاز رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان الذي أتاه بالخبر معن بن عدي، فأخذ بيد عمر وقال: قم، فقال عمر: إني عنك مشغول، فقال: إنه لا بد من قيام، فقام معه، فقال له: إن هذا الحي من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بنى ساعدة، معهم سعد بن عبادة، يدورون حوله، ويقولون: أنت المرجى، ونجلك المرجى وثم أناس من